شركة ARM .. هل اصبحت اكبر تهديد لشركات المعالجات بعد دعم Nvidia انفيديا
عند الحديث عن شركات تصنيع معالجات الهواتف فإنّ أوّل الأسماء التي تخطر على بال الأغلبيّة هي Qualcomm وApple وSamsung وربما Mediatek في بعض الأحيان، حيث تعتبر تلك الشركات هي المسيطرة على هذا السوق منذ سنوات، ولكنّ الأمر الذي قد لا يعرفه الكثيرون هو أنّ جميع تلك الشركات تستخدم تراخيص لتصميم معالجاتها من جهة واحدة فقط تدعى شركة ARM والتي ليس لها أي علاقة بعمليّة التصنيع في الواقع.
تعتبر شركة ARM معروفة لأي شخص متابع للتقنية خاصّة مجال تصميم وتصنيع الشرائح الإلكترونيّة، ولكنّ إعلان شركة Nvidia الأخير عن صفقة الاستحواذ على ARM بقيمة 40 مليار دولار جعلها تتصدّر عناوين الكثير من الصحف والمواقع خلال الأشهر الماضية، ولكن من هي شركة ARM فعلاً؟ وما سبب أهميّتها في مجال المعالجات؟ هذا ما سنتعرّف عليه في مقال اليوم.
من هي شركة ARM؟
يعود تاريخ الشركة ومعماريّة معالجاتها الشهيرة إلى ثمانينات القرن الماضي، ولكنّ بدايتها تحت اسم ARM كان منذ عام 1990 في الواقع. تميّزت شركة ARM منذ بدايتها بفضل معماريّتها التي قدّمت أداءً جيّداً مع استهلاك طاقة قليل بشكل جعلها مناسبة للأجهزة الإلكترونية التي تعمل على البطاريات ولا تحتاج لأداء عالي، وهو ما فتح الباب أمام انتشار معماريّة ARM بإصداراتها المختلفة على نطاق واسع في الأجهزة المحمولة بما في ذلك الهواتف الذكية بالطبع.
في عام 2005 وصلت نسبة الهواتف المحمولة التي تستخدم أحد معالجات ARM إلى حوالي %98، وذلك بسبب عدم تواجد أي منافسة حقيقيّة منذ ذلك الوقت وحتى اليوم أيضاً. يقع المقرّ الرئيسي لـ ARM في المملكة المتّحدة، وقد كانت شركة متاحة للتداول العمومي منذ عام 1998، وفي عام 2016 قامت مجموعة Softbank اليابانية بالاستحواذ عليها بصفقة بلغت قيمتها حوالي 32 مليار دولار تقريباً، وبقيت على هذا الحال حتى استحواذ Nvidia عليها مقابل 40 مليار في عام 2020.
ما هو مجال عمل ARM الرئيسي وكيف تحقّق أرباحاً؟
في كثير من الأحيان يتمّ الإشارة إلى ARM كشركة مصنّعة للشرائح الإلكترونية، ولكنّها في الواقع ليس لها أي صلة فيما يتعلّق بعمليّة التصنيع الفعلي للشرائح، حيث أنّ مجال عملها الرئيسي يتمثّل بإنشاء تصاميم المعالجات والشرائح الأخرى وبيعها أو ترخيصها للشركات بحسب حاجتها، وبعد ذلك تقوم تلك الشركات إمّا بتصنيع معالجاتها بالاعتماد على تلك التصاميم أو التعديل عليها وإرسالها لشركة مختصّة بعمليّة التصنيع مثل TSMC الرائدة في هذا المجال.
تحقق ARM الأرباح عن طريق أخذ نسبة معيّنة على التراخيص التي منحتها للشركات الأخرى، وذلك يشمل الكثير من الأسماء الكبيرة في مجال تصميم المعالجات مثل Samsung و Qualcomm وApple وNvidia وغيرهم، وذلك على عكس شركة Intel التي تقوم بتصميم معالجاتها وتصنيعها بنفسها وفق معمارية x86 ومن ثمّ بيعها جاهزة للشركات الأخرى، حيث أنّ Intel لا تقوم بترخيص تصاميم معالجاتها أو معماريّتها الخاصة لأي شركة ترغب بذلك.
يجدر بالذكر أنّ ARM تمتلك معماريّة أخرى واسعة الانتشار لمعالجات الرسوميات تحت اسم Mali، والتي تستخدمها أيضاً عدّة شركات الأخرى بما في ذلك Samsung و Huawei والكثير غيرهم.
ما هي أنواع التراخيص التي تقدّمها شركة ARM للشركات الأخرى؟
تأتي تصاميم المعالجات والتراخيص الأخرى التي تقدّمها ARM للشركات بأنواع وأشكال عديدة، والتي تختلف بشكل واسع بحسب حاجة كل شركة ومجال عملها، فهنالك على سبيل المثال شركات مثل Huawei تقوم باستخدام تصاميم أنوية معالجات ARM المعروفة باسم Cortex بدون أي تغيير أو تعديل عليها، وتعتبر الطريقة الأكثر انتشاراً اليوم.
تقوم بعض الشركات الأخرى مثل Qualcomm وSamsung في بعض معالجاتها خاصة الفئة الرائدة بالحصول على تراخيص استخدام أنوية Cortex ولكنّها لا تقوم باعتمادها بشكل مباشر، وإنما تضيف بعض التعديلات والتغييرات على التصميم الأساسي بحسب احتياجاتها ومن ثمّ تطلق تسمية أخرى عليها مثل أنوية Kryo في معالجات Qualcomm وأنوية Mongoose في معالجات Exynos السابقة من Samsung.
في النهاية هنالك شركة Apple المشهورة بمعالجاتها ذات الأداء العالي واستهلاك الطاقة المنخفض، حيث تتميّز عن الكثير من الشركات الأخرى بكونها تقوم باستخدام معماريّة ARM الأساسيّة لتصميم المعالج ولكنّها لا تقوم باستخدام أي من تصاميم Cortex الجاهزة من ARM، وبدلاً من ذلك تقوم هي بتصميم المعالج المركزي ومعالج الرسوميات بحسب احتياجاتها، والسبب الرئيسي وراء أنّها قادرة على عمل ذلك بسهولة هو أنّها المتحكّمة بنظام التشغيل والأجهزة التي ستعمل بها تلك المعالجات.
تقوم شركة ARM بتقديم الكثير من التراخيص الأخرى أيضاً، ومن الممكن أن يكون بعضها بتكاليف منخفضة أو مجانية بالكامل حتى، وذلك ضمن شروط معيّنة مثل الحاجة لعمل أبحاث أو بغرض التعليم للجامعات على سبيل المثال، بحيث يكون الشرط الأساسي لشركة ARM هنا هو عدم استخدام تلك التراخيص بشكل تجاري على الإطلاق.
ما سبب أهميّة شركة ARM في السوق لتدفع إنفيديا 40 مليار دولار لشرائها؟
الغالبية العظمى من الهواتف الذكية اليوم تعتمد على معالجات ARM، وبعيداً عن الهواتف فإنّ الكثير من المنتجات الإلكترونية الأخرى مثل أجهزة إنترنت الأشياء والكاميرات وأجهزة الإنذار تعتمد عليها أيضاً، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو أنّ الشركة تمنح تراخيص استخدام معماريّتها لمعظم الشركات التي ترغب بتصنيع معالجات لأجهزتها، وذلك فضلاً عن استهلاكها القليل للطاقة وسهولة تصنيعها والتعامل معها أيضاً، وبالمقارنة فإنّ هذه الميزات غير متاحة مع كبرى شركات المعالجات Intel وAMD.
لسنوات طويلة بقيت ARM بعيدة عن مجال معالجات الحواسيب والخوادم، ولكن في الفترة الأخيرة بدأت الكثير من الشركات بالاستثمار في هذا المجال لتضمين معالجات ARM ضمن الحواسيب المحمولة والمكتبية ومراكز البيانات حتى، وتعتبر حواسيب MacBook الجديدة من شركة Apple خير مثال على ذلك، حيث تمكّنت الشركة من تحقيق أداء أعلى مع توفير كبير في الطاقة ضمن حواسيبها الجديدة باستخدام شريحة M1 الجديدة المبنية على ARM.
تمتلك ARM اليوم فرصة كبيرة لدخول مجال الحواسيب بقوّة والتفوّق على Intel وAMD أيضاً، ولكن من غير المعروف متى ستصبح باقي الشركات قادرة على تحديث برمجياتها لتكون متوافقة مع المعمارية الجديدة. بالنسبة لاستحواذ Nvidia عليها مقابل 40 مليار دولار، فهنالك الكثير من الأسئلة التي لا يوجد أجوبة عليها حتى اليوم، حيث أنّ الأسباب المهمّة وراء هذا الاستحواذ ما تزال غير معروفة أو واضحة المعالم.
بحسب تصريحات Nvidia فإنّ شركة ARM ستستمرّ بالعمل بشكل طبيعي كما كانت سابقاً، أي أنّها لن تقوم بالترخيص لشركات معيّنة ورفض شركات أخرى بحسب أهواء Nvidia، ولكنّها ستستفيد من ARM ضمن مجالات عملها الأخرى كالحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي أيضاً، ولكن هل يبرر ذلك المخاطرة باستثمار 40 مليار دولار؟ هذا ما سنعرفه في المستقبل مع مرور الوقت في حال اكتملت الصفقة ولم يتمّ عرقلتها أو منعها بالكامل، حيث أنّ هيئة الأسواق والمنافسة البريطانية (CMA) قامت بفتح تحقيق في هذا الأمر ومن الممكن ألّا توافق على إكمالها.